ويقول أيضاً: (الكتاب الذين ليسوا بفرنسيين ويكتبون بالفرنسية يدخلون بشيء جديد من ثقافتهم، ويضيفونه إلى التجربة التي هم بصددها، وهذا هو الذي خلق خصوصية للأدب العربي بالفرنسية). ينتمي الطاهر بن جلون إلى الجيل الثاني من الكتاب المغاربة، الذين يكتبون بالفرنسية، فالجيل الأول، جيل الرواد، الذي يمثله أحمد الصفريوي، وكاتب ياسين، وعمروش وغيرهم، وذلك استجابة لرغبتهم في التعبير عن ذواتهم داخل مجال ثقافة المستعمر، وتقديم صورة عن مجتمعهم. ويصف الطاهر بن جلون المسكون بوجع الحاضر، والممتلئ حتى الخاصرة بمخزون الماضي، جيله قائلاً: (كانت قناعتنا تطلع من ضميرنا المعذب، إنما كنا نعبر عن ذواتنا بلغة، لا يمكن للشعب قراءتها أو سماعها، أما الهوة التي راحت تفصل بين المثقف والشعب، فلم تكف عن الاتساع. لقد كنا كتاباً مزيفين مقتلعين، لا نملك، للتعبير عن أحلامنا وشكوكنا وغضبنا، سوى لغة الاستعمار. كانت الديماغوجية تهزنا، وكنا نريد لأنفسنا أن نكون حديثين ومخلصين وملتزمين، أي أن نكون شهوداً على عصرنا، قريبين، خاصة، من هموم شعبنا، لذلك لكي نبرز أنفسنا، رحنا ننصب خيمتنا في المقابر، التي كان علينا أن نتوجه إليها بشعرنا وكتاباتنا.. أنا لم أشك لحظة في حياتي في صدق هويتي العربية، حتى ولو كنت أعبر عن هذه الهوية بلغة أجنبية).
اخبار الشعب /ثراء هاني: يعد الشاعر والروائي والقاص والصحفي المغربي الطاهر بن جلون واحدا من كبار كتاب الأدب الفرنسي من غير الأصول الفرنسية. وقد تنوعت كتاباته وتوزعت، ما بين مجالات الشعر والقصة والرواية والمقالة، ولكنه كان أكثر إخلاصا للرواية، فقد صدر له في هذا المجال عدة روايات منها: (حرودة، وموحا المجنون – وموحا الحكيم، وطفل الرمال، والليلة المقدسة، أو ليلة القدر، وصلاة الغائب، والكاتب العمومي، وعينان منكسرتان)، وغيرهما. كذلك له عدة مجموعات شعرية منها: (شجرات اللوز ماتت من جروحها)، وديوان (رجال تحت كفن الصمت) وديوان (نذوب الشمس)، وغيرها، ومؤلفات أخرى. وترجمت أعماله إلى ثلاث وأربعين لغة أجنبية. نشر له أول كتاب عن العمال المهاجرين، وذلك عام (1976م) تحت عنوان (أقصى درجات العزلة)، فاستطاع بعد ذلك أن ينتزع له مكانا بين أشهر أدباء العالم في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين. يعد الطاهر بن جلون أكثر الروائيين المغاربة إنتاجا باللغة الفرنسية، وحقق في سنوات نجاحا كبيرا داخل فرنسا نفسها، حيث حصل على جائزة (كونكور) الشهيرة عن رائعته الروائية (ليلة القدر أو الليلة المقدسة). وهذه الجائزة توفر لصاحبها ذيوع الصيت لدي الجمهور الفرنسي.
موعد ضربه رواق "لاتوليي 21″ مع الطاهر بن جلون، لا بصفة الروائي أو المتحدث عن الشأن العام، بل بصفته فنانا تشكيليا. وابتداء من 10 ماي المقبل، من السنة الجارية 2022، يتيح هذا الرواق، بالدار البيضاء، اكتشاف لوحات حديثة وقّعها الكاتب المغربي الفرنسي الطاهر بن جلون. ومن المزمع أن يستمر هذا المعرض الفردي بـ"L'atelier21" إلى حدود 30 من شهر ماي المقبل، بعنوان "لون الكلمات". ولم يكن الطاهر بن جلون، الذي يعرف روائيا وكاتبا بتعبير فرنسي، بعيدا عن عالم الفنون التشكيلية، إذ وقع عددا من القراءات في أعمال فنية، ومكنونات ضمن الموروث المغربي.