نحتاج في تفسير آية العدل إلى منطق القرآن الكريم، الذي ألغى الحصانات السياسية والامتيازات الملكية كلّها، وبدلًا من ذلك فرض العقاب الأشد على أهل الحصانة: {يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين}!! نحتاج في تفسير آية العدل إلى فقيه مثل عمر بن الخطاب، الذي كتب إلى شعبه بوضوح: "أيها الناس، إني لم أبعث عمالي ليضربوا أبشاركم ولا ليأخذوا أموالكم، فلا يبلغني أن أحدًا ضربه عامله بغير حق إلا جعلته للناس نكالًا". نحتاج في تفسير آية العدل إلى علي بن أبي طالب الذي استدعاه القاضي، وحين قال له القاضي: "اجلس يا أبا الحسن"! قال له عليٌّ: "بدأت حكمك بالجور! واذا حكمتم بين الناس - YouTube. كيف تناديني بكنيتي وتنادي خصمي باسمه؟"؛ لا يستقيم الحق مع التمييز بين المتخاصمين، مع أن أحدهما خليفة والآخر شخص من سواد الناس. نحتاج في تفسير آية العدل إلى فقيه مثل القاضي جميع بن حاضر الباجي، الذي عيّنه عمر بن عبد العزيز لمحاكمة أمجاد بني أمية وفتوحهم وانتصاراتهم في الشرق، فأصدر أمره ببطلان الفتح ووجوب خروج الجيوش وتسليم البلاد لأهلها، وإعادة الغنائم والتعفيش لأصحابه، ومحاكمة الجنرالات الفاتحين على تجاوزاتهم ومظالمهم. نحتاج في تفسير آية العدل إلى فقهاء، مثل توماس هوبز وجون لوك وجان جاك روسو وغيرهم من فقهاء عصر الأنوار، الذين حطموا ثيولوجيا السلطان وحقه الإلهي المزعوم، وأعلنوا أن الحاكم خادم للأمة، وأنه محاسَب أمامها، وأنه مطالب بتطبيق القاعدة العمرية الهائلة: من أين لك هذا؟ نحتاج في تفسير آية العدل إلى فقيه عدالة وقانون، مثل إبراهام لنكولن الذي واجه بشجاعة تجارة العبيد، وهي عمود الاقتصاد الأميركي ومظهر أمجاد الرجل الأبيض، وأنجز تحرير العبيد ودفع حياته ثمنًا لموقفه: الإنسان أخو الإنسان، ولا فضل لأبيض على أسود ولا لحر على عبد إلا بالتقوى والتزام العدالة والقانون.
ففقدت المزايا الغريزية للمبادرة الفردية التي تمَعَّشت في كنف النظام القيصري وحصدت ما زرعته دكتاتورية البرلتاريا من أوبئة العنف والمحسوبية والرشوة والكسل والتبذير وتدمير الأرض والموارد. وهكذا توزع البؤس على الناس. لم تنجح إلا في بناء سلاح مخيف مدمر. دمرها قبل غيرها. وتزهو اللبرالية بإنجازاتها وتقول: هاكُم شيئا يمكن أن يقسم! هاكُم الإنتاج الوفير، الإنتاجية والتدبير! هاكم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان! ويرث الإسلاميون غداة وصولهم إلى الحكم آلة تابعة للرأسمالية، أو جهازا مؤمما. والعيون شاخصة إلى عدل الإسلام عاطشة. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة النساء - الآية 58. ونداء الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان هاجس أمة تعسة بحكـامها. بحكـام أعرضوا عن دين الله فحصدتهم سنة الله. فما نحن فاعلون؟ أنكسِرُ الآلة الموروثة فنوزع رأس المال الظـالم التابع ونبقى عالَةً يوما أو يومين ثم يطردنا الشعب؟ أم ننحدر مع الميل الروتيني من تنازل إلى تنازل فيبقى ما كان على ما كان؟ أنتبنّى الديمقـراطية بِعُجَرِها وبُجَرِها أم نستأنف استبدادا باسم الإسلام؟ إن تغيير الأوضاع يكلف تعبا ومجهودا دائبا، ويَلْقَى مقـاومة من طرف المحتلين للمراتب، ومن طرف دهاقين الرأسمالية المحلية، يُسعفُهم بالضغط على إرادات التغيير شركاؤهم وحلفاؤهم المتحصنون في معاقل الرأسمالية العالمية.
[[في المطبوعة: "يعظون الناس"، وهو خطأ، وانظر التعليق السالف. ]] وقال آخرون: الذي خوطب بذلك النبيّ ﷺ في مفتاح الكعبة، أمر برَدّها على عثمان بن طلحة. ٩٨٤٦ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله:"إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها"، قال: نزلت في عُثمان بن طلحة بن أبي طلحة، قَبض منه النبي ﷺ مفاتيح الكعبة، ودخل به البيت يوم الفتح، [[في المطبوعة: "مفاتيح الكعبة، ودخل بها البيت"، وكان في المخطوطة: "مفاتيح الكعبة ودخل به البيت"، ورد اللفظ مفردًا"المفتاح" في هذا الأثر والذي يليه، وكذلك نقله ابن كثير في تفسيره ٢: ٤٩٢"مفتاح الكعبة" بالإفراد، فصححت نص المخطوطة، كما في ابن كثير. ]] فخرج وهو يتلو هذه الآية، فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح. قال: وقال عمر بن الخطاب لما خرج رسول الله ﷺ وهو يتلو هذه الآية: فداهُ أبي وأمي! وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل. [[في المطبوعة: "فداؤه أبي وأمي"، وأثبت ما في المخطوطة وابن كثير. ]] ما سمعته يَتلوها قبل ذلك! ٩٨٤٧ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا الزنجي بن خالد، عن الزهري قال: دفعه إليه وقال: أعينوه. [[الأثر: ٩٨٤٧ -"الزنجي بن خالد" هو: مسلم بن خالد بن فروة، أبو خالد الزنجي، الفقيه المكي.