وجاءت الفتنة في كلام الله -عز وجل- بمعنى (النفي عن البلد)، كما يحتمله قوله -تعالى-، كما قال بعض العلماء: ( وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) [البقرة:191]، يعني أن أخراج الإنسان من بلده أعظم عنده من أن يُقتل. هذه -عباد الله- معاني الفتنة في كلام الله -عز وجل-. ما هي فتنة خلق القرآن. نسأل الله -عز وجل- أن يجنبنا الفتن، ما ظهر منها وما بطن. الخطبة الثانية: أما بعد: فيا عباد الله: قال ابن القيم-رحمه الله- كما في إغاثة اللهفان: "الفتنة نوعان: فتنة شبهة وفتنة شهوة، وأعظم الفتنتين فتنة الشبهة"، قال: "وهي: أعظمهما"، ثم قال -رحمه الله-: "وقد تجتمع الفتنتان في حق العبد، وقد ينفرد بإحداهما"، بمعنى أن فتنة الشبهة قد تكون عند بعض الأشخاص وقد تكون فتنة الشهوة عن البعض الآخر. ثم قال -رحمه الله-: " وفتنة الشبهات من ضعف البصيرة، وقلة العلم "، ثم قال: " ولاسيما إذا اقترن بذلك سوء القصد... لا سيما إذا اقترن بذلك فساد القصد وحصول الهوى، فهنالك الفتنة العظمى والمصيبة الكبرى، فقل ما شئت في ضلال من هو سيء القصد، وهو الذي قال الله -عز وجل- عنهم: ( إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى) [النجم:23]".
وقد يكون استلامك لإمارة لا تقدر عليها سبب فتنة لك ولمن معك، ولذلك جزع عمرو بن العاص رضي الله عنه جزعا شديدا لما حضرته الوفاة، وتذكر حياته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قال: " فلو مت حينئذ قال الناس: هنيئا لعمرو أسلم وكان على خير فمات فرُجيَ له الجنة، ثم تلبست بعد ذلك بالسلطان وأشياء، فلا أدري عليّ أم لي.... ". وإن كنت في موضع القدوة أو الإمرة فلا تحمّل الناس ما لا يطيقون، فتفتنهم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما علم أن معاذا رضي الله عنه يطيل الصلاة بالناس قال له ثلاثا: " يا معاذ! أفتّان أنت؟! ما هي أسباب الفتنة على عثمان - أجيب. "، وفي خطبة لعمر رضي الله عنه قوله" ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تجمّروهم فتفتنوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتُكفِروهم". وإن الانشغال بالقول عن العمل كثيرا ما يفضي إلى كثير من الفتن والمشكلات، يقول ابن تيمية رحمه الله: " فإذا ترك الناس الجهاد في سبيل الله فقد يبتليهم بأن يوقع بينهم العداوة، حتى تقع بينهم الفتنة ـ كما هو الواقع ـ " ، وفي المثل: " العسكر الذي تسوده البطالة يجيد المشاغبات". إن من آثار الفتنة أنها تُنسي الواقعين فيها حقائق يعرفونها وحدودا كانوا يلتزمونها، وإن الواقع في الفتنة تخف تقواه، ويرق دينه، ولذلك حين يُبعَد أناس عن الحوض كان يظنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمته يُجاب: " لا تدري مشوا على القهقرى" قال راوي الحديث ـ ابن أبي مليكة ـ: " اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن".
تجنب الفتن عند ظهورها [ عدل] هناك عدة أمور يفعلها المسلم لتجنب والهرب من الفتن منها تعلم دين الله وكف اللسان وعدم السعي في الفتن وقد وردت أحاديث تبين كيفية التعامل معها عند ظهورها وقد صنف العلماء كتبا في ذلك، فمن تركها نجا مخافة الله وتعظيما له أورثه الله إيمانا يجد حلاوته في قلبه، فعن أم مالك البهزية قالت ذكر رسول الله فتنة فقربها قالت: قلت يا رسول الله من خير الناس فيها قال ((رجل في ماشيته يؤدي حقها ويعبد ربه ورجل آخذ برأس فرسه يخيف العدو ويخيفونه)).
والمراد: حمل الكفار على المؤمنين وهم في صلاتهم ساجدون حتى يقتلوهم أو يأسروهم. كما عند ابن جرير. 9- اختلاف الناس وعدم اجتماع قلوبهم: كما في قوله تعالى: ( ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة) أي يوقعوا الخلاف بينكم كما في الكشاف ( 2 / 277). 10 - الجنون: كما في قوله تعالى ( بأيِّكم المفتون). فالمفتون بمعنى المجنون. 11- الإحراق بالنار: لقوله تعالى: ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات). ( البروج:10) قال ابن حجر: ويعرف المراد حيثما ورد بالسياق والقرائن. الفتح ( 11 / 176) تنبيه: قال ابن القيم رحمه الله: " وأما الفتنة التي يضيفها الله سبحانه إلى نفسه أو يضيفها رسوله إليه كقوله: ( وكذلك فتنا بعضهم ببعض) وقول موسى: ( إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء) فتلك بمعنى آخر وهي بمعنى الامتحان والاختبار والابتلاء من الله لعباده بالخير والشر بالنعم والمصائب فهذه لون وفتنة المشركين لون ، وفتنة المؤمن في ماله وولده وجاره لون آخر ، والفتنة التي يوقعها بين أهل الإسلام كالفتنة التي أوقعها بين أصحاب علي ومعاوية وبين أهل الجمل ، وبين المسلمين حتى يتقاتلوا و يتهاجروا لون آخر. زاد المعاد ج: 3 ص: 170.
وأعلنت… أكمل القراءة » زر الذهاب إلى الأعلى
الفتنة في الولد حيث قال الله سبحانه وتعالى: "إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ". الفتنة في الزوج أو الزوجة، كزوجة سيدنا لوط، حيث قال الله تعالى: "ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ". وفي النهاية نكون قد عرفنا أنه ليس من نتائج الفتنة وحدة فالفتنة حيث إن الفتنة هي سبب فرقة المسلمين ودمار الأمة وانهيار الشعوب والحضارات، لذلك نهى الله سبحانه وتعالى عنها هو ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
وهذا دليل على أن الآية نزلت في شأن عمرو بن الحَضْرمِيّ حين قتله واقد بن عبد اللَّه التميمي في آخر يوم من رجب الشهر الحرام، وقال ابنُ الجوزي: فأما الفتنة، ففيها قولان. أحدهما: أنها الشرك، قاله ابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، وقتادة في آخرين. والثاني: أنها ارتداد المؤمن إلى عبادة الأوثان. قاله مجاهد. فيكون معنى الكلام على القول الأول: شركُ القوم أعظم من قتلكم إياهم في الحرم. وعلى الثاني: إرتداد المؤمن إلى الأوثان أشدُ عليه من أن يقتل محقاً، وقال النسفي:(( وَالفِتْنَةُ أشَدّ مِنَ القَتْل))، أي شركهم بالله أعظم من القتل الذي يحل بهم منكم، وقال الخازن في تفسيره:(( وَالفِتْنَةُ أشَدّ مِنَ القَتْل))، يعني أن شركهم بالله أشدُ وأعظم من قتلكم إياهم في الحرم والإحرام وإنما سُميَ الشرك بالله فتنة لأنه فساد في الأرض يؤدي إلى الظلم، وإنما جعل أعظم من القتل لأن الشرك بالله ذنب يستحق صاحبه الخلود في النار وليس القتل كذلك، والكفر يخرج صاحبه من الأمة وليس القتل كذلك فثبت أن الفتنة أشدُ من القتل.