والذين يَنْشَئون في بِيئاتٍ لا تُشْعرهم بكرامَتِهم وقِيمَتِهم؛ سيؤثر ذلك سلباً على فاعليتهم في الحياة، وحتى لو تجاوز هؤلاء الأثَرَ النَّفْسِي للشعور بعدم الكرامة، فإنَّ هذه التربية سَتَتْرُكُ أثراً سلبياً في نوعية أدائهم، ونظرتهم للحياة. ولقد كرمنا بني ام اس. ومن آثار حِفْظِ كرامة الإنسان: الوِقاية من التَّكبُّر والتَّسلُّط؛ لأنَّ النَّفْسَ البشرية فيها مَيلٌ للعلوِّ، والشُّعور بعُلُوِّ المنزِلة، وربما قادَتْ هذه الغَرِيزةُ كثيراً من الناس إلى التَّكبُّر، والتَّسلُّطِ، وازدراءِ الآخَرِين. وهناك خيطٌ رَفِيعٌ بين الكِبْر، وبين الشُّعورِ بالكرامة؛ لذا نرى كثيراً مِمَّنْ يَتَعالَون، ويُخفِقون في التَّخلُّق بالتواضع يتحَجَّجون بكرامة النَّفْس! وقد جاء المنهج الإسلامي بالاعتدال والتَّوَسُّط، فربَّى المُسْلِمَ على التواضع، وعَالَجَ دَاءَ الكِبْرِ والتَّعالي، وفي الوقت نفسِه رَبَّى فيه العِزَّةَ، والكرامةَ، والشُّعورَ بِقِيمَتِه الإنسانية.
الخطبة الثانية الحمد لله... (مسألة) ما هي الوسائل التي اتَّخذها الإسلام في تجفيف منابع الرِّق؟ من أهم وسائل الإسلام في تجفيف منابع الرِّق ما يلي: الوسيلة الأولى: الترغيب في تحرير الرِّقاب: رغَّبت الشريعة الإسلامية في تحرير الرقاب؛ حيث اعتبرته عملاً يُنقذ صاحبَه من النار، وذلك عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ). قال سَعِيدُ بنُ مَرْجَانَةَ: فَانْطَلَقْتُ بِهِ إلى عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ، فَعَمَدَ عَلِيُّ بنُ حُسَيْنٍ - رضي الله عنهما - إلى عَبْدٍ لَهُ قَدْ أَعْطَاهُ بِهِ عبدُ اللَّهِ بنُ جَعْفَرٍ عَشَرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ أو أَلْفَ دِينَارٍ فَأَعْتَقَهُ[5]. ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر. قال المُهَلَّب - رحمه الله: (في هذا الحديث فضل العتق، وأنه من أرفع الأعمال، ومِمَّا يُنجِّي اللهُ به من النار، وفيه أنَّ المجازاة قد تكون من جِنس الأعمال، فجُوزيَ المُعتِق للعبد بالعتق من النار)[6]. أيها الإخوة الكرام.. هذا الحديث فيه لطيفةٌ بديعة ، وهي أنه لمَّا أعتق أخاه من الرِّق، فكأنَّما أحياه، فكان الجزاء من جنس العمل، فضَمِنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم له البقاءَ والخلودَ في الجنة وعدم دخول النار.
وممَّا يدلُّ على أنَّ الحرية الممنوحة للمملوك تُعادِل الحياة: ما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( لاَ يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدًا إِلاَّ أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ)[7]، فهذا الحديث جعل الشَّيء الوحيد الذي يُكافئ به الولدُ والديه هو أنْ يكونا مملوكين فيعتقهما، فإنْ كانا قد مَنَحاه الحياةَ ابتداءً، فقد أعادهما إلى الحياةِ بتحريرهما من الرِّق، وبهذا يتكافآن، وفي هذا دليلٌ على مدى احتفاء الإسلام بالحريَّة إذ جعلها مُعادِلة للحياة ، ومَنْ فقد حُريَّته فَقَدْ فَقَدَ حياتَه. الوسيلة الثانية: جُعِلت كفارةُ مَنْ لَطَم مملوكَه أنْ يُعتِقَه: عن زَاذَانَ؛ أَنَّ ابن عُمَرَ - رضي الله عنهما - دَعَا بِغُلاَمٍ لَهُ، فَرَأَى بِظَهْرِهِ أَثَرًا، فقال له: أَوْجَعْتُكَ؟ قال: لا. ولقد كرمنا بني ادم المنشاوي. قال: فَأَنْتَ عَتِيقٌ. قال: ثُمَّ أَخَذَ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ فقال: مَا لِي فِيهِ مِنَ الأَجْرِ مَا يَزِنُ هذا[8]، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: ( مَنْ ضَرَبَ غُلاَمًا لَهُ، حَدًّا لَمْ يَأْتِهِ [9] ، أَوْ لَطَمَهُ، فَإِنَّ كَفَّارَتَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ)[10].
الصفحة الرئيسية الثانية باكالوريا درس التصور الإسلامي للحرية نصوص الانطلاق قال الله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) الإسراء الآية 70 وقال أيضا: (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا) الكهف الآيات 29 و30 المفاهيم الأساسية كرمنا: شرفنا ورفعنا من مكانته. سرادقها: لهيبها ودخانها كالمهل: ما تمت إذابته من المعادن. مرتفقا: مقرا متكأ. الأحكام الشرعية للآيات القرآنية كرم الله الإنسان وفضل على سائر المخلوقات؛ بأن سخر له كل ما في البر والبحر، ورزقه من طيبات الأرض. ولقد كرمنا بني آدم - منتديات اول اذكاري. خير الله تعالى الإنسان بين الإيمان والكفر، مع تهديد ووعيد منه تعالى للذين اختاروا طريق الكفر والطغيان من الكفار، ووعد وبشرى منه سبحانه للمؤمنين الذين اختاروا طريق الصلاح والفلاح.