26-" كل من عليها " من على الأرض من الحيوانات أو المركبات و " من " للتغليب ، أو من الثقلين. " فان ". 26. Everyone that is thereon will pass away; 26 - All that is on earth will perish:
وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: كل يوم هو يجيب داعياً ويكشف كرباً ويجيب مضطراً ويغفر ذنباً, وقال قتادة: لا يستغني عنه أهل السموات والأرض يحيي حياً ويميت ميتاً, ويربي صغيراً ويفك أسيراً وهو منتهى حاجات الصالحين وصريخهم ومنتهى شكواهم. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا أبو اليمان الحمصي, حدثنا جرير بن عثمان عن سويد بن جبلة هو الفزاري قال: إن ربكم كل يوم هو في شأن فيعتق رقاباً, ويعطي رغاباً, ويقحم عقاباً.
( "خَصَلَاتٌ سِتٌّ")، وأعمال ستةٌ ("مَا مِنْ مُسْلِمٍ") مؤمنٍ موحِّد ("يَمُوتُ فِي")؛ أي: يختم له بــ ("وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ")؛ أي: في حال تلبسه بفعل واحدة من هذه الصفات؛ (" إِلَّا كَانَ ضَامِنًا عَلَى اللهِ")؛ بـ("أَنْ") يثيبَه ويبعدَه من النار، و("يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ")، أي: مع السابقين الأولين، أو من غير عذاب: أوّلهم: ("رَجُلٌ خَرَجَ مُجَاهِدًا")، في سبيل الله خالصا لله؛ ("فَإِنْ مَاتَ فِي وَجْهِهِ")؛ أي: في طريق جهاده توفي ذاهبا أو آيبًا، ("كَانَ ضَامِنًا عَلَى اللهِ")، كرره للتأكيد؛ هذه الكلمة في الحديث؛ أي: كان مضمونا عليه تعالى أجره. ثانيهم: ("وَرَجُلٌ تَبِعَ جَنَازَةً")، فصلى عليها وانتظر حتى دفنت؛ ("فَإِنْ مَاتَ فِي وَجْهِهِ) ؛ أي: في طريقه ذاهبا أو آيبا، (كَانَ ضَامِنًا عَلَى اللهِ")؛ أي: مضمونٌ عليه تعالى ألّا يضيعَ فيها عمله. ثالثهم: ("وَرَجُلٌ عَادَ مَرِيضًا")؛ أي: زاره في بيته أو في المشفى، ("فَإِنْ مَاتَ فِي وَجْهِهِ، كَانَ ضَامِنًا عَلَى اللهِ). كل من عليها فان english. رابعهم: ("وَرَجُلٌ تَوَضَّأَ) لصلاة من الصلوات ، (فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ)، وأكمله وأتمَّه، باستيفائه لما أمره الله به، من شروطه وأركانه وسننه وواجباته، (ثُمَّ خَرَجَ") متوجِّها (إِلَى مَسْجِدٍ)؛ أي: إلى بيت من بيوت الله ، (لِـ) ـأداءِ (صَلَاتِهِ)، المفروضة جماعة، (فَإِنْ مَاتَ فِي وَجْهِهِ، كَانَ ضَامِنًا عَلَى اللهِ).
كم من إنسان كان يعيش حياة حافلة بالمتعة والنشاط ، كان يعيش صحة في جسمه ، وذكاء في عقله ، وبهجة في وجهه ، وقوة في بصره وسمعه ، وهو اليوم كالزهرة الذابلة ، فذهب بصره ، ونحل جسمه ، وانحنى ظهره ، وكساه الزمان شعراً أبيض ، وهكذا دواليك. رب يوم بكيت فيه فلما صرت في غيره بكيت عليه إنها سنة الله في الحياة ، اقتضت أن لكل أمر قد بدأ نهاية حتمية لابد منها: " كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ " [الرحمن:26-27].
ومعنى (ذُو الْجَلالِ) أي: ذو العظمة والكبرياء، والمستحق لجميع صفات المدح والتعظيم والثناء. قال القرطبي: « (ذُو الْجَلالِ) الْجَلَالُ عَظَمَةُ اللَّهِ وَكِبْرِيَاؤُهُ وَاسْتِحْقَاقُهُ صِفَاتَ الْمَدْحِ، يُقَالُ: جَلَّ الشَّيْءُ أَيْ عَظُمَ وَأَجْلَلْتُهُ أَيْ عَظَّمْتُهُ، وَالْجَلَالُ اسْمٌ مِنْ جَلَّ. لماذا لم يقل الله سبحانه : كل ما عليها فان ، بل قال: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) ( سورة الرحمن الآية 26)؟. ومعنى (وَالْإِكْرامِ) أي: اكرامه عن كلّ ما لا يليق به سبحانه وتعالى من الشرك والنقص وغيرهما. قال القرطبي: (وَالْإِكْرامِ) أي: هو أهل لأن يُكرم عما لا يَلِيقُ بِهِ مِنَ الشِّرْكِ، كَمَا تَقُولُ: أَنَا أُكْرِمُكَ عَنْ هَذَا، وَمِنْهُ إِكْرَامُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ» وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «﴿ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾؛ أي: ذُو الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ». وقال ابن كثير: «وَفِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ: يَا حَيُّ، يَا قَيُّومُ، يَا بديع السموات وَالْأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، بِرَحْمَتِكَ نَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لَنَا شَأْنَنَا كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْنَا إِلَى أَنْفُسِنَا طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَلَا إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ». ولذلك كان الأولى لمن قرأ ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾ ألا يسكت حتى يتم قراءة ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ ﴾؛ ليكتمل المعنى، وتتضح الصورة والمشهد.
وهذه الخمس صفاتٍ بين عبدِ الله المسلمِ وبين خلقِ الله، أمّا واحدةٌ من هذه الست، فهي بين العبد وبين ربّه، وهي أن من تَوَضَّأَ الوضوءَ النبوي، وتوجَّه إِلَى مَسْجِدٍ ليصلي فيه، فمَاتَ في ذهابِه إلى المسجد، أو إيابه من المسجد بعد الصلاة، كَانَ ضَامِنًا عَلَى اللهِ أن يدخله الجنة. اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله نبينا ومحمد وأصحابه أجمعين. اللهم ارضَ عن الخلفاء الأربعة؛ أبي بكر وعمر، وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، وارض عنا معهم بمنِّك وكرمك يا أكرم الأكرمين. { كل من عليها فان }. اللهُمَّ اغْفِرْ لأمواتنا وأمواتِ المسلمين أجمعين، اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُم وَارْحَمْهُم، وَعَافِهِم وَاعْفُ عَنْهُم، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُم، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُم، وَاغْسِلْهُم بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِم مِنَ الذنوبِ والْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، اللهُمَّ أَبْدِلْهُم دُورًا خَيْرًا مِنْ دورِهِم، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْليهم، وَأزَواجًا خَيْرًا مِنْ أزَواجِهِم، وَأَدْخِلْهُم الْجَنَّةَ، وَأَعِذْهُم مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ومِنْ عَذَابِ النَّارِ. اللهم اغفر لنا للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.
قال القشيري: قال قوم هو صفة زائدة على الذات لا تكيف ، يحصل بها الإقبال على من أراد الرب تخصيصه [ ص: 151] بالإكرام. والصحيح أن يقال: وجهه وجوده وذاته ، يقال: هذا وجه الأم ووجه الصواب وعين الصواب. وقيل: أي يبقى الظاهر بأدلته كظهور الإنسان بوجهه. وقيل: وتبقى الجهة التي يتقرب بها إلى الله. ذو الجلال الجلال عظمة الله وكبرياؤه واستحقاقه صفات المدح ، يقال: جل الشيء أي عظم وأجللته أي عظمته ، والجلال اسم من جل. والإكرام أي هو أهل لأن يكرم عما لا يليق به من الشرك ، كما تقول: أنا أكرمك عن هذا ، ومنه إكرام الأنبياء والأولياء. كل من عليهآ فآن. وقد أتينا على هذين الاسمين لغة ومعنى في الكتاب الأسنى مستوفى. وروى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألظوا ب " يا ذا الجلال والإكرام ". وروي أنه من قول ابن مسعود ، ومعناه: الزموا ذلك في الدعاء. قال أبو عبيد: الإلظاظ: لزوم الشيء والمثابرة عليه. ويقال: الإلظاظ الإلحاح. وعن سعيد المقبري أن رجلا ألح فجعل يقول: اللهم يا ذا الجلال والإكرام! اللهم يا ذا الجلال والإكرام! فنودي: إني قد سمعت فما حاجتك ؟.