تاريخ النشر: الأحد 19 شوال 1429 هـ - 19-10-2008 م التقييم: رقم الفتوى: 113665 14532 0 179 السؤال الطلاق الرجعي هل له عدد؟ وهل يختلف الطلاق عند الرجوع قبل العدة أو بعدها؟ يعني لو طلق الرجل زوجته ثم بعد ساعة راجعها وكرر هذه الحادثة مرات عديدة بأوقات وأزمان مختلفة، فهل يجب إحصاء عدد الطلقات أم أنها مادامت ضمن الرجعي فلا ينطبق عليها الطلاق بالثلاث؟ الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فالطلاق الرجعي هو الطلاق الذي يجوز للرجل أن يعيد فيه زوجته المطلقة بدون عقد ومهر جديدين، ويكون في الطلقة الأولى والثانية قبل انتهاء العدة في المدخول بها. قال تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ {البقرة:228} وبناء عليه، فإذا طلق الرجل زوجته التي دخل بها الطلقة الأولى سمي ذلك طلاقا رجعيا لأنه يملك مراجعتها قبل انقضاء عدتها، وكذلك إذا راجعها ثم طلقها الطلقة الثانية فإنها تسمى رجعية أيضا، فإذا طلقها الطلقة الثالثة حرمت عليه وسمي ذلك بينونة. ولا يختلف الحكم إذا طلق الرجل زوجته ثم راجعها بعد ساعة ثم طلقها ثم راجعها فهما طلقتان وبقيت له طلقة واحدة بعدها تحرم عليه زوجته وتبين منه، وسواء في ذلك كله أكان هذا الطلاق طلاق سنة أو طلاق بدعة لأنه واقع كله في قول جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة، فإذا أوقع الرجل على زوجته ثلاث تطليقات في وقت واحد أو متفاوتات فإنها تحرم عليه وتبين منه.
ولا تتسرع في الطلاق فتندم بعد ذلك وتشرد أسرتك وأولادك. وأما الطلاق أثناء الغضب، فإن كنت لا تدري مما قلت شيئا وأغلق على عقلك بسببه ولم تع ما تقول فلا يعتبر هذا الطلاق، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق" رواه ابن ماجه والحاكم. ولكن هذه حال نادرة الوقوع. وأما إذا كنت غضبان ولكن هذا الغضب لم يغيب وعيك، فإن ما تتلفظ به تحاسب عليه ويقع منك. والله تعالى أعلم.
الحمد لله. "هذا فيه تفصيل ؛ إذا كان الطلاق الأول ، الذي راجعها فيه طلقة واحدة ، ثم طلق هذا الطلاق ، فإن هذا الطلاق يحسب طلقة واحدة أيضاً ، فتكون ثانية ، ولو قال فيه: لا رجعة فيه ، فإن الصواب ؛ أنه في حكم الواحدة فقط ، ولو قال فيه: بائناً ، أو قال: لا رجعة فيه ، أو قال: بالثلاث ، بلفظ واحد ؛ فإن الصواب الذي نفتي به ، والثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في حديث ابن عباس أن: (طلاق الثلاث ـ بلفظ واحد ـ كان يجعل واحدة ، على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى عهد الصديق أبي بكر رضي الله عنه ، وعلى عهد عمر رضي الله عنه ، في أول خلافته). تضاف الطلقة الأولى ، يكون الجمع اثنتين ، ويكون له المراجعة ، ما دامت في العدة ـ ما دامت حبلى ـ فيراجعها ما دامت في العدة ، ويبقى لها طلقة واحدة. تطليق الرجل امرأته بالثلاث فيه تفصيل. أما إذا كان الطلاق السابق الذي راجع فيه طلقتين ، فليس له الرجوع بعد ذلك ؛ لأن هذه تكون الثالثة ، فيتم الثلاث ، وليس له الرجوع ، وهذا هو قول أهل العلم" انتهى. سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله "فتاوى نور على الدرب" (3/1793).
وأمّا الرواية المنسوبة إلىٰ الإمام الصادق عليه السلام فهي مفتراة عليه ـ وكم افتري علىٰ لسان الأئمّة كما أخبر بذلك الإمام محمّد بن علي الباقر عليه السلام فيما ذكرناه عنه في مبحث سابق ـ لأنّ الروايات قد تواترت عنهم عليهم السلام بما يدحض هذه الفرية ، والشيعة الإماميّة أعلم من غيرهم بسنّة أئمّتهم وأحاديثهم التي هي امتداد لسنّة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وليست مخالفة لها ، وكتب الشيعة مكتظة برواياتهم عليهم السلام في هذا الشأن ، نذكر بعضاً منها: 1 ـ عن زرارة ، عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن رجل طلّق إمرأته ثلاثاً في مجلس واحد وهي طاهر ؟ قال: « هي واحدة » (٤). 2 ـ عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: قال أبو عبدالله عليه السلام: « لا يقع الطلاق إلّا علىٰ كتاب الله والسنّة ، لأنّه حدّ من حدود الله عزّوجلّ ، يقول: ( إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) ، ويقول: ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ) ، ويقول: ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) ، وأمّا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ردَّ طلاق عبدالله بن عمر لأنّه كان علىٰ خلاف الكتاب والسنّة » (٥).