نظمه ابن السماك فقال: يا كاتم الذنب أما تستحي والله في الخلوة ثانيكا غرك من ربك إمهاله وستره طول مساويكا [ ص: 211] وقال ذو النون المصري: كم من مغرور تحت الستر وهو لا يشعر. وأنشد أبو بكر بن طاهر الأبهري: يا من غلا في العجب والتيه وغره طول تماديه أملى لك الله فبارزته ولم تخف غب معاصيه وروي عن علي - رضي الله عنه - أنه صاح بغلام له مرات فلم يلبه فنظر فإذا هو بالباب ، فقال: ما لك لم تجبني ؟ فقال. لثقتي بحلمك ، وأمني من عقوبتك. فاستحسن جوابه فأعتقه. وناس يقولون: ما غرك: ما خدعك وسول لك ، حتى أضعت ما وجب عليك ؟ وقال ابن مسعود: ما منكم من أحد إلا وسيخلو الله به يوم القيامة ، فيقول له: يابن آدم ماذا غرك بي ؟ يابن آدم ماذا عملت فيما علمت ؟ يابن آدم ماذا أجبت المرسلين ؟ الذي خلقك أي قدر خلقك من نطفة فسواك في بطن أمك ، وجعل لك يدين ورجلين وعينين وسائر أعضائك فعدلك أي جعلك معتدلا سوي الخلق; كما يقال: هذا شيء معدل. ياايها الانسان ماغرك بربك الكريم الذي خلقك. وهذه قراءة العامة وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم; قال الفراء: وأبو عبيد: يدل عليه قوله تعالى: لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم. وقرأ الكوفيون: عاصم وحمزة والكسائي: فعدلك مخففا أي: أمالك وصرفك إلى أي صورة شاء ، إما حسنا وإما قبيحا ، وإما طويلا وإما قصيرا.
قال الربيع بن خثيم: (مررت بمكتب فرأيت صبيا يبكي فقلت له: لم تبك؟ فقال غدا الخميس أحتاج أن أعرض على المعلم، ولست أحفظ، فقلت كيف بي اذا كان يوم القيامة وأحاسب على ما أسلفت). فذلك خميسه معلوم ونحن خميسنا مجهول، وليس كل ما نؤجله ندركه، بل كثيرا ما نغادر ونتركه.
الذي خلقك فسواك فعدلك, في أي صورة ما شاء ركبك) *