وعنونها البخاري في صحيحه ( سورة تنزيل السجدة). ويجب أن يكون ( تنزيل) مضموما على حكاية لفظ القرآن ، فتميزت هذه السورة بوقوع سجدة تلاوة فيها من [ ص: 202] بين السور المفتتحة بـ ( الم) ، فلذلك فمن سماها ( سورة السجدة) عنى تقدير مضاف أي سورة ( الم السجدة). فضل سورة السجدة قبل النوم - مقال. ومن سماها ( تنزيل السجدة) فهو على تقدير ( الم تنزيل السجدة) بجعل ( الم تنزيل) اسما مركبا ثم إضافته إلى السجدة ، أي ذات السجدة ، لزيادة التمييز والإيضاح ، وإلا فإن ذكر كلمة ( تنزيل) كاف في تمييزها عما عداها من ذوات ( الم) ثم اختصر بحذف ( الم) وإبقاء ( تنزيل) ، وأضيف ( تنزيل) إلى ( السجدة) على ما سيأتي في توجيه تسميتها ( الم تنزيل السجدة). ومن سماها ( الم السجدة) فهو على إضافة ( الم) إلى ( السجدة) إضافة على معنى اللام وجعل ( الم) اسما للسورة. ومن سموها ( الم تنزيل السجدة) لم يتعرضوا لضبطها في شروح صحيح البخاري ولا في النسخ الصحيحة من الجامع الصحيح ، ويتعين أن يكون ( الم) مضافا إلى ( تنزيل) على أن مجموع المضاف والمضاف إليه اسم لهذه السورة محكي لفظه; فتكون كلمة ( تنزيل) مضمومة على حكاية لفظها القرآني ، وأن يعتبر هذا المركب الإضافي اعتبار العلم مثل: عبد الله ، ويعتبر مجموع ذلك المركب الإضافي مضافا إلى السجدة إضافة المفردات ، وهو استعمال موجود ، ومنه قول تأبط شرا: إني لمهد من ثنـائي فـقـاصـد به لابن عم الصدق شمس بن مالك إذ أضاف مجموع ( ابن عم) إلى الصدق ، ولم يرد إضافة عم إلى الصدق.
ويحتمل أن يكون المرادُ: "كان لا ينام حتى يقرأهما" يعني: أنَّه لا ينام مطلقًا حتى يقرأهما، يعني: لا يُراعي وقت النوم، فيُمكن أن يقرأ بعد العشاء مثلاً، وينام بعد ذلك بساعةٍ، أو ساعتين، أو أكثر، المهم أنَّه لا ينام حتى يقرأهما، فيكون ذلك من أذكار الليلة، وليس من أذكار النوم بهذا الاعتبار على هذا التَّفسير، فهذا يحتمل، وهذا يحتمل، المهم أنَّه ما كان يدع قراءتهما في كل ليلةٍ. والحافظ ابن حجر -رحمه الله- يقول مُفسِّرًا لهذه الجملة: "لا ينام" أي: لا يُريد النوم إذا دخل وقته [12]. يعني: ليُفيد ما قرره الأئمةُ أنَّه يُسنّ قراءة هاتين السُّورتين مع سُورٍ أخرى كل ليلةٍ قبل النوم. قال: ويُؤيده حديث النَّسائي في الثانية [13]. يعني: سورة "تبارك" مَن قرأها كل ليلةٍ منعه اللهُ بها من عذاب القبر [14] ، وهذا الحديثُ الوارد في سورة تبارك في قراءتها كل ليلةٍ جاء من حديث ابن مسعودٍ -رضي الله تعالى عنه-، وحسَّنه الشيخ ناصر الدين الألباني [15]. إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة السجدة - مقدمة السورة- الجزء رقم22. فهذا على كل حالٍ يحتمل، لكن ينبغي أن يحرص المسلمُ على قراءة هاتين السُّورتين، فلا ينام حتى يقرأهما، سواء قلنا: إنَّ ذلك يكون عند إرادة النوم، أو يكون ذلك في ليلته -والله تعالى أعلم- على كلام الحافظ ابن حجر -رحمه الله- وكثيرٍ من أهل العلم: أنَّهم فهموا أنَّ المراد أنَّ ذلك يكون عند إرادة النوم.
القرآن العظيم كتاب الله عز وجل، أنزله لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور، ولينذر الكفرة والمخالفين والعصاة بالعذاب الأليم، وليبشر المؤمنين بجنات النعيم. تعريف عام بسورة السجدة الحكمة من قراءة سورتي السجدة والإنسان يوم الجمعة الحكمة من قراءة سورة السجدة عند النوم سورة السجدة كان يقرؤها النبي صلى الله عليه وسلم قبل نومه؛ لما فيها من العبر والتذكير بالموت وبالبعث يوم القيامة وبالجزاء وبالحساب. ومن المناسب للإنسان عند نومه أن يتذكر ما الذي صنعه في هذا اليوم، ويتذكر أنه راجع إلى الله سبحانه، فينوي نية حسنة إذا أحياه الله عز وجل في اليوم التالي أن يؤدي الحقوق لأصحابها، وأن يعمل الخير ويزيد في صلاح نفسه بما يشاء الله عز وجل له. فيتذكر بهذه السورة وما فيها. [4] مقاصد سورة السجدة - مقاصد السور القرآنية - طريق الإسلام. فقد جاء عند الترمذي من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ (( الم * تَنزِيلُ)) السجدة، و(( تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ))). فعلى ذلك يستحب قبل النوم أن المسلم يقرأ سورة السجدة ويقرأ سورة تبارك، فقد جاء في فضل سورة تبارك أنها المنجية من عذاب القبر، وأن عبداً كان يقرؤها في كل ليلة، فلما مات جاءت هذه السورة تدفع عنه عذاب القبر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( سورة ثلاثون آية شفعت لصاحبها في قبره حتى دفعت عنه العذاب).
وقراءة البسملة في أول الفاتحة مذهب الشافعي ، والأحاديث بذلك ثابتة، وحصل خلاف: أيجهر بها أو يسر؟ وقد ثبت الجهر كما ثبت الإسرار، والمثبت مقدم على النافي. وبعض الأئمة يقولون: تقرأ الفاتحة بغير بسملة، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأها في فريضة ونافلة، جهراً وسهراً، حتى إن الإمام الشافعي وغيره يعدون قراءة الفاتحة بلا بسملة في الصلاة كنقص آية من الفاتحة، والصلاة بذلك باطلة. قراءة الفاتحة في الصلاة حكم الاستعاذة في الصلاة تفسير قوله تعالى: (الم) قال تعالى: الم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [السجدة:1-2] إن أكثر السور التي ابتدأت بهذه الحروف المقطعة يذكر فيها بعد تلك الحروف كتاب الله، كقوله تعالى: الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ [البقرة:1-2]. فقوله تعالى: الم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [السجدة:1-2]، أي: تنزيل الكتاب الذي اشتمل على (الم) وأخواتها من حروف الهجاء التي بنيت عليها اللغة العربية في مفرداتها وجملها وبني عليها كتاب الله في سوره وآياته منظوماً ومنسقاً وقائماً على هذه الحروف الهجائية لم يخرج عنها قط.
أسماءُ السُّورةِ: سُمِّيَت هذه السُّورةُ بعدَّةِ أسماءٍ؛ منها: 1- سورةُ السَّجدةِ [1] سُمِّيَت سورةَ السَّجدةِ؛ لاشتِمالِها على سَجدةِ التِّلاوةِ. يُنظر: ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (1/373). قال ابن عاشور: (أشهرُ أسماءِ هذه السُّورةِ هو سورةُ السَّجدةِ، وهو أخصَرُ أسمائِها، وهو المكتوبُ في السَّطرِ المجعولِ لاسمِ السُّورةِ مِن المصاحفِ المُتداوَلةِ. وبهذا الاسمِ تَرْجَم لها التِّرمذيُّ في «جامِعِه»، وذلك بإضافةِ كلمةِ سورةٍ إلى كلمةِ السَّجدةِ. ولا بُدَّ مِن تقديرِ كلمةِ «الم» محذوفةً للاختصارِ؛ إِذْ لا يَكفي مجرَّدُ إضافةِ «سورةٍ» إلى «السَّجدةِ» في تعريفِ هذه السُّورةِ، فإنَّه لا تكونُ سجدةٌ مِن سجودِ القرآنِ إلَّا في سورةٍ مِن السُّوَرِ). ((تفسير ابن عاشور)) (21/201). وقال البِقاعي: (اسمُها السَّجدةُ مُنطَبِقٌ على ذلك بما دَعَت إليه آياتُها مِن الإخباتِ، وتَركِ الاستكبارِ). ((نظم الدرر)) (15/222).. 2- سورةُ ( الم * تَنْزِيلُ السَّجْدةِ): فعن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقرأُ في الجُمُعةِ في صلاةِ الفَجرِ الم * تَنْزِيلُ السَّجْدةَ، و هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ)) [2] أخرجه البخاري (891) واللفظ له، ومسلم (880).. فَضائِلُ السُّورةِ وخَصائِصُها: استِحبابُ القراءةِ بها في صلاةِ الصُّبحِ يومَ الجُمُعةِ.
سورة السجدة سورة مكية، ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ بها في الركعة الأولى من صلاة الفجر من يوم الجمعة، وقد افتتحت السورة بذكر الحروف المقطعة التي استفتح الله سبحانه بها بعض السور ليبين لمشركي العرب أن هذا القرآن المعجز من جنس الحروف التي يتكلمون بها. بيان فضل سورة السجدة سورة السجدة سورة مكية اشتملت على ثلاثين آية، وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقرأ بسورة السجدة في فجر يوم الجمعة في الركعة الأولى، ويقرأ في الركعة الثانية بسورة الإنسان. وروى الإمام أحمد في المسند عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يديم كل ليلة عند إرادته النوم قراءة السجدة وقراءة سورة الملك، فكان يلتزم -حسب رواية الإمام أحمد - قراءة هاتين السورتين على فراش النوم. والسورة مكية، أي: نزلت على نبينا عليه الصلاة والسلام وهو في مكة المكرمة، وقيل: إن فيها ثلاث آيات -سيأتي بيانها- نزلت في المدينة المنورة، قال تعالى: الم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [السجدة:1-2]. حكم قراءة البسملة مع الفاتحة قد سبق الحديث عن البسملة ومشروعيتها عند كل سورة، وأن البسملة المقطوع بها هي البسملة المذكورة في سورة النمل في قوله تعالى: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [النمل:30]، وفي غير ذلك تذكر البسملة في أول كل سورة تيمناً وتبركاً واستفتاحاً بذكر رحمة الله الرحمن الرحيم.