وقد روى الأعمش عن إبراهيم قال: قيل لابن مسعود: لم لم تكتب الفاتحة في مصحفك ؟ قال: لو كتبتها لكتبتها في أول كل سورة. قال أبو بكر بن أبي داود: يعني حيث يقرأ في الصلاة ، قال: واكتفيت بحفظ المسلمين لها عن كتابتها. وقد قيل: إن الفاتحة أول شيء نزل من القرآن ، كما ورد في حديث رواه البيهقي في دلائل النبوة ونقله الباقلاني أحد أقوال ثلاثة هذا [ أحدها] وقيل: ( يا أيها المدثر كما في حديث جابر في الصحيح. ص19 - كتاب تفسير ابن كثير ط العلمية - سورة الفاتحة - المكتبة الشاملة. وقيل: ( اقرأ باسم ربك الذي خلق) [ العلق: 1] وهذا هو الصحيح ، كما سيأتي تقريره في موضعه ، والله المستعان.
الخطبة الشامية في سنة ١٩١١م سافر إلى دمشق، وألقى في المسجد الأموي خطبة حضرها (10) آلاف من علماء الشام، عرفت باسم الخطبة الشامية، وقد وصف فيها أمراض الأمة الإسلامية، ووسائل علاجها. فحصر أمراض الأمة في ستة أمور: اليأس موت الصدق محبة العداوة الجهل بالرابطة النورانية بين المسلمين الاستبداد السياسي الأنانية الشخصية أما طرق علاجها فلخصه في ستة أشياء: التمسك بالقرآن الكريم إحياء الإيمان في القلوب التسلح بالأمل والتخلص من اليأس التمسك بالصدق التحابب فيما بين المسلمين اتخاذ الشورى منهجاً في الحكم لإلغاء الاستبداد جهاد النورسي لما اندلعت الحرب العالمية الأولى ، هب الشيخ سعيد في وجه الطامعين الروس، وقاد بنفسه مجموعة من المتطوعين، فلم يكن عالم دين نظري فقط، بل كان عالماً عاملاً بأحكام الدين. تفسير سورة الفاتحة ابن كثير. وهو في ساحات القتال، أملى على أحد طلابه كتابه ( تفسير إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز)، وقد فسّر فيه سورة الفاتحة مع (33) آية من سورة البقرة. جرح في إحدى المعارك، وتم أسره ونُفي إلى منطقة سيبيريا الباردة، وبقي فيها قرابة السنتين، ثم أطلق سراحه فعاد إلى تركيا فكرمته الحكومة التركية، وعينته عضواً في (دار الحكمة الإسلامية)، وهي أعلى هيئة دينية في تركيا.
وقال تعالى آمرا لعباده المؤمنين أن يقولوا: ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب وقد كان الصديق رضي الله عنه يقرأ بهذه الآية في الركعة الثالثة من صلاة المغرب بعد الفاتحة سرا. فمعنى قوله تعالى: ( اهدنا الصراط المستقيم استمر بنا عليه ولا تعدل بنا إلى غيره.
(تفسير ابن كثير، ج1، ص47): [الرحمن الرحيم]: قال (القرطبي) رحمه الله: إنم وصف نفسه بالرحمن الرحيم بعد قوله رب العالمين؛ ليكون من باب قرن الترغيب بعد الترهيب، كما قال تعالى: "نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)" (سورة الحجر)، وفي (صحيح مسلم): قال صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة، ما طمع بجنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة، ما قنط من جنته أحد". 17 رمضان - مؤسسة السبطين العالمية. (تفسير ابن كثير، ج1، ص47): [مالك يوم الدين]: [مالك]: مأخوذة من الملك. [يوم الدين]: يوم القيامة وهو يوم الحساب، فمن عمل خيراً فخير، ومن عمل شراً فشر، إلا من عفا عنه، قَالَ (عُمَرُ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تَحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، وَتَأَهَّبُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ عَلَى مَنْ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ أَعْمَالُكُمْ، قال تعالى: "يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ" (الحاقة/18). (تفسير ابن كثير، ج1، ص48): [إياك نعبد وإياك نستعين]: العبادة في اللغة من الذلة، ويقال طريق معبد أي مذلل، وفي الشرع عبارة عما يجمع كمال المحبة والخضوع والخوف، وقد سمى الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بعبده في أشرف مقاماته: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً" (الإسراء/1)، وقال بعض السلف: الفاتحة سر القرآن، وسرها في هذه الآية، فالأول تبرؤ من الشرك، والثاني تبرؤ من الحول والقوة والتفويض إلى الله عز وجل.