؟؟؟.. رفعت الحبل من حول رقبتي وقلت أذهب لأرى من يطرق الباب وبكل هذا الإصرار.. عندما فتحت الباب لم أصدق عيني فقد كان صبيا صغيرا وعيناه تتألقان وعلى وجهه ابتسامة لم أر مثلها من قبل، حتى لا يمكنني أن أصفها لكم.. الكلمات التي جاءت من فمه مست قلبي الذي كان ميتا ثم قفز إلى الحياة مره أخرى، وقال لي بصوت حان: سيدتي، لقد أتيت الآن لكي أقول لك إن الله يحبك حقيقة ويعتني بك!
اهلاً بك عزيزي القارئ في أول تدويناتي على منصة ملهم هل فكرت يوماً ما هو الأثر الذي تركته ؟ بل كم مرة رددت تلك العبارة في نفسك؟ تفكيرك في تلك العبارة؛ بل استشعارك لها، سيجعلك تعطي أفضل ما لديك. في كل مكان تتواجد فيه. وفي كل عمل تقوم به. وفي كل دور لك في الحياة. سنرحل ويبقى الاثر الذي يولده العنف. كم هو جميل أن يكون لك أثر باق وذكرى طيبة وبقايا عالقة مما صنعت. قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْء أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَام مُبِين) يس الآية 12. تأملوا كلمة (آثارهم)، ستجدون أنها البصمة الباقية التي نتركها سواء كانت بصمة خير أم شر. فاصنع لك اثراً بسيطاً حتى لو بابتسامة يستبشر بها من يلقاك، فكم من إنسان تغيرت حياته نحو الأفضل بكلمة طيبة، بل أصبح بعضهم من القدوات المؤثرة في مجتمعهم. ولا تكن مجرد رقم في قائمة طويلة من البشر ، بل كن ذا أثر عظيم في حياة البشر ، أثر مختلف أيا كان نوعه سواء كان: ١-أثر ديني ؛ كالأوقاف -وبناء المساجد -والصدقة الجارية -والعلم النافع -ودعاء الأبناء، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له،" ٢-أثر صامت ؛ بأفعالك وأقولك وردات فعلك وابتسامتك.
ليس والله مقالي هذا تشفياً ببعض المتدينيين ، أو موقفاً مسبقاً منهم ، فقط أردت أن أشد الأنظار لهكذا حالات مفعمة بالإنسانية ، وروح الأخلاق والتعامل الجميل كما انشد نظري لمثل هذه الحالة وغيرها الكثير. متى سنعيد تفكيرنا الجاد بأن قطاع الصلاة ليس كلهم في سلة واحدة من السوء، هم كتل من الإنسانية التي قد يفوقوننا فيها وكم هي محببة عند ربنا، علماً بأن حسابهم في الأصل لا دخل لنا فيه، وحكمنا على شيء لا يكون إلا بما نشاهده بأعيننا مما يجري على أفعال الناس فقط، وهذا الأصل حتى لا نظلم إنسان بطيش السهام التي لم تصب كبد الحقيقة في أحكامنا أبداً لعور العين التي نشاهد بها. متى نعيد التفكير ببعض المفاهيم التي درجنا عليها ولم تكن أكثر من تجنيات في حقوق الآخرين أياً كان هذا الآخر طالما وفيه نفس تنبض بين ضلوعه، سنرحل ياهؤلاء بعيداً حيث علام الغيوب الذي تكفل بحسابنا، وأرشدنا للأخلاق والقيم مثلما أرشدنا للصلاة والصيام، وترك الميدان لنا في اغتراف ما نستطيعه من ذلك. سنرحل ويبقى الاثر. ولله در ياوليد الشرفي إذ يقول وأختم: سنمضي بعيداً ويبقى الأثَرْ * فكن ليناً لا تشدُّ الوتَرْ. فمن جفَّف الخُلق من طبعهِ* تولَّى بذم الملا وانكسَرْ.