مَا يَنبَغِي ومَا لاَ يَنبَغِي فِي رَمضَان الخطبة الأولى إن الحمدَ لله، نحمَده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يَهده الله فلا مُضل له، ومَن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا رسول الله، نَحمَدك ربَّنا على ما أنعمتَ به علينا من نعمك العظيمة، وآلائك الجسيمة؛ حيث أرسلتَ إلينا أفضلَ رُسلك، وأنزلتَ علينا خيرَ كتبك، وشرَعت لنا أفضلَ شرائع دينك. فاللهم لك الحمدُ حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيتَ، ولك الحمد بعد الرضا، أما بعد: فيا أيها الإخوة المؤمنون، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن صَامَ رَمَضَانَ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ" [1]. وفهمُنا من الحديث الشرط وجواب الشرط، فالشرطُ هو في صِيام رمضان إيمانًا؛ أي: تصديقًا بفرضيته من قِبل الله عز وجل لِعباده، واحتسابًا، أي: احتساب الأجر عند الله في صَومه، وابتغاء وجهه سبحانه، وحتى يكون صومُنا بهدين الوصفين اللذين أخبر بهما النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى يتحقق لنا الجواب وهو مغفرة ما تقدَّم من ذنوبنا - لا بد من معرفة مَا يَنبَغِي ومَا لاَ يَنبَغِي على الصائم فِي رَمضَان، وهذا موضوع خطبتنا اليوم.
تاريخ النشر ٢٠:٣٨:١٦ – ٢٠٢٢/٠٤/١٨ قال فضيلة الإمام الأكبر أ. د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، إن اسم الله "الوهاب" هو اسم من أسماء الله الحسنى، ورد ذكره في القرآن الكريم في أكثر من موضع قال تعالى "وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب" وقال تعالى "أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب" وقال "قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب"، مبينا أن "الوهاب" مأخوذ من "الهبة" وهي العطاء أو الإعطاء، فإنك إن وهبت شيئا لأحد فمعناه أنك تعطيه إياه بشرط أن يكون هذا العطاء بدون مقابل. وأكد فضيلته خلال الحلقة السابعة عشر من برنامجه الرمضاني "حديث الإمام الطيب"، أن اسم "الوهاب" لا يتصف به إلا الله -سبحانه وتعالى- لأن الله تعالى هو من يعطي بغير مقابل، أما غيره يعطي وينتظر مقابل وخاصة إذا أعطى مالاً ولا عجب في ذلك فإن المال قُدِّم على الأولاد في أكثر من موضع قال تعالى "المال والبنون زينة الحياة الدنيا" وقال أيضا "والذين يجاهدون بأموالهم وأنفسهم"، ولذلك من يعطي من الخلق لابد أن ينتظر مقابلا لعطائه و يصعب عليه أن يعطي بدون مقابل. الحمدلله كما ينبغي لجلال. وأضاف فضيلة الإمام الأكبر، أن اسم "الوهاب" لا يجوز شرعًا إطلاقه على البشر لأن طبيعتهم لا تقبل أن تعطي أبداً بلا مقابل، حتى أنواع العطاء البشري مدفوعة الأجر سلفا، فسرورك بأولادك والبهجة التي تشعر بها كلما نظرت اليهم و كلما كبروا أمامك هي مقابل، موضحا أنه لا يمكن اعتبار عطائك لأولادك هبه لأنك تعطيهم لتفرح ولتستمتع وهذا مدفوع مقدما، لافتا إلى أن الكل يعطي مع الانتظار إلا "الوهاب" -سبحانه وتعالى"، هو وحده فقط الذي يعطي ويمن بدون سؤال وبدون انتظار.
وفي رواية مسلم: "لقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بالنَّاسِ، ثُمَّ أُحَرِّقَ علَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الجُمُعَةِ بُيُوتَهُمْ" [3] ، والهَمُّ بتحريق البُيوت على المتخلفين عن الجُمع والجَماعات، يدلُّكم على أهمية صلاة الجماعة في المسجد، أخي الكريم، أختي الكريمة إيَّاك من التفريق بين الصوم والصلاة، فتكون كمَن يؤمن ببعض الكتاب ويكفُر ببعضه، فالربُّ الذي فرض عليك الصِّيام هو الذي فرض عليك الصلاة. 2- الصِّيام بِنية: وذلك بالامتناع عن جميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية الصوم؛ قال تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ (البقرة:187).